الصين والبحر الأحمر: من يملك الممرات يملك القرار
لم تعد خطوط الملاحة البحرية مجرد مسارات تجارية، بل تحولت إلى شرايين جيوسياسية تمارس الدول من خلالها النفوذ والضغط وإعادة تشكيل موازين القوى. وفي قلب هذا التحول، تبرز الصين كلاعب اقتصادي عملاق يسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي لم تُصمّم فقط لضمان تدفق البضائع، بل لضمان النفوذ عبر الممرات الحيوية، وأبرزها البحر الأحمر.
يرتبط البحر الأحمر ارتباطًا عضويًا بالخليج العربي كممر تجاري متصل، حيث يمرّ أكثر من 12% من التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب، وهو ما يجعله نقطة ارتكاز لأي قوة اقتصادية صاعدة. ولعل ما يُثير الانتباه أن أكثر من 60% من واردات الصين من الطاقة تمر عبر هذا الممر، مما يفسّر التوسع الصيني في إنشاء قواعد لوجستية وتجارية من جيبوتي إلى جدة، وربطها عبر استثمارات ثقيلة بالموانئ ومناطق التجارة الحرة.
تراجع الحضور الأمريكي النسبي في المنطقة، بفعل إعادة التموضع الاستراتيجي نحو آسيا، منح الصين فرصة ذهبية لملء هذا الفراغ. فالولايات المتحدة لطالما اعتبرت الخليج والبحر الأحمر "منطقة نفوذ أمني"، بينما تنظر إليهما الصين على أنهما "منطقة نفوذ لوجستي وتجاري". وبهذا التمايز، تتقدم الصين بهدوء وبلا مواجهة مباشرة، لكنها تترك أثرًا عميقًا في بنية القرار الاقتصادي في المنطقة.
التمدد الصيني في البحر الأحمر ليس معزولًا عن الخليج، بل هو امتداد لسياسة استراتيجية تربط شرق آسيا بأفريقيا وأوروبا. فميناء "جوادر" في باكستان، وميناء "السخنة" في مصر، ومنطقة التجارة الحرة في جبل علي بالإمارات، تشكل جميعها محطات في "طريق الحرير البحري الجديد"، الذي تسعى الصين لتحويله إلى منظومة بديلة عن الممرات التي تسيطر عليها القوى الغربية.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في التوسع الصيني ذاته، بل في موقف الدول العربية من هذا التوسع: هل ستكون شريكًا في صياغة التوازنات الجديدة؟ أم مجرد ممر تمر عبره المصالح دون أن تترك أثرًا؟. إن تحسين البنية التحتية للموانئ العربية، وإعادة هيكلة السياسات الجمركية، وربط سلاسل الإمداد بالأسواق المحلية، تشكل شروطًا أساسية لتحويل الموقع إلى قيمة مضافة لا إلى مجرد مساحة جغرافية.
تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية بالمنطقة يتجاوز 100 مليار دولار، تشمل الموانئ والطرق والمناطق الصناعية. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح عربيًا: كم من هذه الاستثمارات يُترجم إلى فرص عمل محلية، ونقل معرفة، وتكامل مع الخطط التنموية العربية؟.
التنافس الصيني-الغربي على الممرات الحيوية في العالم لن يظل محصورًا في التصريحات أو المبادرات، بل سيتجسد في السيطرة على الواقع اللوجستي، وفي القدرة على ضمان الأمن البحري، وفي صياغة القواعد الحاكمة للملاحة والربط الرقمي. وهنا، يجب أن يكون للعرب موقف ووعي استباقي لا ردّ فعل متأخر.
المنطقة أمام مفترق طرق: فإما أن تستثمر في موقعها الاستراتيجي وتفرض شروط شراكة عادلة، وإما أن تُختزل إلى مجرد ممر تسيطر عليه القوى الكبرى. فالموانئ العربية ليست فقط بوابات تجارية، بل أوراق ضغط في اللعبة الجيوسياسية، إن أُحسن استخدامها.
في الختام، يمكن القول إن من يملك الممرات اليوم، قد يملك القرار غدًا. وإن لم يكن ذلك القرار سياسيًا، فسيكون اقتصاديًا وأمنيًا بالضرورة. ومَن يُحسن قراءة خرائط التجارة والملاحة، يدرك أن زمن النفوذ الناعم قد بدأ، وأن من يُحسن توظيف موقعه قد يكتب تاريخه بيديه.
حفل أصالة في العقبة يلفت الأنظار .. صور
تامر حسني يرد على عمرو دياب برسالة نارية .. صور
مرحلة جديدة في حياة نادين نجيم
زيت الحبة السوداء بين الفوائد التقليدية والتحذيرات الطبية
واتساب يختصر الطريق لصورتك الجديدة
في الجزائر: هل نعلن وفاة أغنية الراي
أهلي في السويداء… أهلي في سوريا
بنك الإسكان يحقق أرباحاً 80.1 مليون دينار في النصف الأول من العام
تهنئة بتخرج المهندس حسين الزينات
مجاعة غزة تلقي بظلالها على مهرجان جرش وحضور محدود
التربية تدعو هؤلاء لإجراء المقابلات الشخصية لوظيفة معلم/ـة
مكافحة الأوبئة يعلن عن وظائف شاغرة .. صورة
رئيس وزراء السودان يتعهد بإعمار الخرطوم
تعديل نظام تدريسي جامعة البلقاء لاحتساب المؤهلات الجديدة
توضيح من الأرصاد بشأن حالة الطقس حتى الاثنين
انخفاض أسعار المركبات في الأردن بعد التخفيضات
قرارات مرتقبة من الضمان الاجتماعي
مواعيد انطلاق امتحانات التعليم الإضافي .. رابط
مهم للمواطنين بشأن إغلاق طريق في عجلون
فصل التيار الكهربائي عن هذه المناطق الثلاثاء
الجيش يفتح باب التسجيل في المدارس العسكرية .. رابط