يتجاهلون الزمان والمكان والظروف

mainThumb

06-10-2025 01:18 PM

عندما يحاول المجرم إعادة جريمته دون أن يحسب حساب الزمن والظروف، فهو بذلك يُقدم على عملية غير محسوبة العواقب، وربما توصله الى الغرق في الحروب أمام أعين العالم ولا يصل إلى مبتغاه..
بريطانيا وابنتها "الولايات المتحدة"، وقاعدتهما العسكرية في فلسطين، طوروا أدوات الحرب، وتقدموا في المواصلات والاتصالات، ولكن عنجهيتهم المزمنة تجاهلت الزمان والمكان والظروف، واستحضرت الأطماع، والطمع أفيون المجرمين!!.
في القرن الخامس عشر ، بعد سقوط الأندلس، خرج الاوروبيون الى العالم ليكتشفوه حسب تصوراتهم، -طبعا أول التحركات الاستكشافية كانت في البرتغال واسبانيا-، والسبب أنهم اعتمدوا على البحارة الأندلسيين الذين كانوا يعرفون البلاد الجديدة وتاجروا معها لقرون، فلما رأى الأوروبيون المتوحشون خيرات القارة الجديدة -بالنسبة لهم-، استبد بهم الطمع وبدل أن يتاجروا مع البلاد الجديدة كما فعل الاندلسيون، والغرب الأفريقي، أبت عليهم أطماعهم وخستهم إلا أن يستولوا على البلاد ويقضوا على أهلها حتى لا يشاركونهم فيها، فقاموا بجريمتهم بكل الوسائل القذرة، دون أن يردعهم رادع، وكان صدى جرائمهم يعبر المحيط بعد سنوات طويلة، بعد أن يكون الأمر قد انتهى وأصبحت جرائمهم أمراً واقعاً لا يمكن تغييره.

"الظروف والزمن" ساعدتهم على النجاح في جرائمهم في قارة أميركا، وصارت لهم دول هناك وتقدموا مدنياً، لكنهم ما زالوا الى الآن يعيشون في عقلية القرن الخامس عشر، لا يرون احداً ولا يتورعون عن الاجرام، ويكذبون في كل ما يتلفظون به، والأغرب أن تقدمهم المادي لم يصاحبه تقدم حضاري، ولم يغير من عنجهيتهم في القرن الخامس عشر شيئاً، نفس الغطرسة والتعالي الوقح، والجشع القذر وتجاهل الآخر، والانانية المفرطة، والقذارة في النفس والجسد والعقل..
حاول الغرب إعادة جرائمه في بلاد العرب في بداية سقوط الدولة العثمانية، لكنهم اصطدموا بشعوب متحضرة، قاومتهم وما زالت، ففشلت في تطهير البلاد العربية والاستيلاء عليها، بسبب الظروف والزمن مضافاً اليهما المكان..!!

هذه الثلاثة وقفت في وجههم لتكون قمة الصراع مع العالم العربي، والعالم أجمع، وسيخذلهم ثالوث المكان والزمان والظروف، فالمكان يعني أنك تقترب من مقدسات لشعوب لن تدعك تصل اليها أو تقتلعها من وجدانهم حتى لو كانوا في حالة ضعف وتشرذم، والزمن لن يدعمك كذلك، فهذا زمن التحرر، والتواصل السريع، فقد زُويت الأرض لكل حر يأبى الضيم، ويرفض إذلاله أو إذلال غيره من البشر، والظروف أيضا تتخلى عنهم، فالعالم الآن يتكون من دول كبرى تتصارع وكل دولة كبرى تحاول منع منافسها من الاستئثار بالفريسة، وبكل الطرق ومنها دعم الضعيف بالسلاح لتقويته وإثبات حقه، ودعمه سياسياً من خلال ما توافقت عليه المفترسات الدولية من قانون دولي وميثاق الأمم المتحدة.. وبهذا لن يستطيعوا الآن تنفيذ جرائمهم بعيداً عن أعين الشعوب الحرة وعن القانون الدولي الذي ستفعله ثورة الشعوب الحرة..

لكل ما سبق فإن ما يفعله الاميركان في العالم، وبالأخص في فلسطين، سيؤدي قريباً إلى نهاية الكيان، وتراجع أميركا عن الصدارة، وقد يكون انكفاؤها أسرع مما نتصور، فهي تسير بتهور والطريق أوعر مما تظن، فاستعمار العالم في القرن الحادي والعشرين ليس سهلاً. وضغط الثالوث يستفزها ويجعلها ترتكب حماقات، وستظل تطيش في العالم على غير هدى حتى تهدم نفسها بنفسها، وتقتلها أطماعها، ولولا ثالوث الزمان والمكان والظروف التي تغيرت وما عادت تخدم أجندة المتوحشين، المتقوقعين على ظروف القرن الخامس عشر، لأبادوا اهل غزة وفلسطين بل لقضوا على معظم سكان أفريقيا وآسيا، وها هم يحشدون للعراق وإيران والمحور الذي يتبع منافسيهم، متجاهلين تجربتهم في بداية هذا القرن "الحرب على العراق" وفشلهم الكبير، الذي صنعه منافسوهم أولا ثم الشعوب، والمعطيات التي أفشلتهم مازالت موجودة بل راكمت تجاربها ودعمت نفسها بحلفاء جدد تفوقوا على اميركا صناعياً، والأكثر من ذلك، شعبها استفاق، وبدأ يستشعر نتائج مغامراتها غير المحسوبة ويتابع كل حركة تتحركها إدارة الإجرام..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد