خدمة العلم… استثمار في الشباب

mainThumb

18-11-2025 08:34 PM

عاد ملف خدمة العلم ليحتل موقعاً بارزاً في النقاش العام، مدفوعاً بقناعة تتزايد يوماً تلو الآخر بأن قوة الدول لا تُبنى فقط على ما تملكه من موارد، بل على ما تستثمره في شبابها وقدرتهم على حمل المسؤولية والانخراط في مشاريع الدولة. وفي الأردن، تبدو خدمة العلم خطوة منسجمة مع حاجة المجتمع لبرامج تعزز الانتماء والجاهزية، خصوصاً في ظل بيئة إقليمية شديدة التعقيد.
ليست خدمة العلم مجرد فترة تدريبية تنتهي بانتهاء مدتها؛ إنها تجربة تؤثر في طريقة تفكير الشاب ونظرته لنفسه ولمستقبله. فالاحتكاك ببيئة منضبطة ومنظمة أكثر ما يحتاجه شبابنا بالوقت الحالي؛ اذ يساعد على إعادة ترتيب الأولويات، ويمنح الشباب فرصة لاكتشاف قدراتهم في العمل الجماعي وتحمل المسؤولية والالتزام بالوقت. وهذه كلها مهارات يحتاجها سوق العمل اليوم الذي بات أكثر تنافسية وأسرع تغييراً.
يرتبط البرنامج ارتباطاً وثيقاً بمنظومة الأمن الوطني، إذ يوفر قاعدة شبابية تمتلك الحد الأدنى من التدريب الذي يمكن الاتكاء عليه في حالات الطوارئ والكوارث. كما أن وجود آلاف الشباب الذين يدركون معنى الأمن الوطني وقيم الانضباط يقلل من السلوكيات السلبية، ويوجه طاقاتهم نحو مسارات إيجابية تخدم المجتمع وتعزز استقراره.
ولا يقل الجانب الاجتماعي أهمية عن البعد الأمني. فخدمة العلم تشكل مساحة لقاء بين أبناء المحافظات والخلفيات المختلفة، وتبدو كجسر يقرّب المسافات بينهم ويخفف من الفروق الاجتماعية. وفي زمن تتزايد فيه الضغوط والتحديات، يصبح هذا الاندماج عاملاً مؤثراً في تعزيز تماسك المجتمع ووحدته.
تسهم الخدمة أيضاً في ترسيخ ثقافة العمل واحترام الوقت، وهما ركيزتان أساسيتان لأي اقتصاد يسعى إلى تحسين إنتاجيته ورفع مستوى كفاءته البشرية. فالشاب الذي يخوض تجربة الخدمة يعود إلى حياته العملية وقد اكتسب درجة أعلى من الانضباط، واستعداداً أكبر لبذل الجهد، وإحساساً أوضح بمعنى المشاركة في مشروع وطني يتجاوز حدود الفرد.
إن خدمة العلم، بصيغتها الجديدة، ليست عبئاً يُفرض على الشباب، بل فرصة وطنية لصقل جيل قادر على مواجهة المستقبل بثقة. وهي، قبل كل شيء، رسالة تؤكد أن الاستثمار في الإنسان سيبقى حجر الأساس في بناء الأردن القوي، الآمن، والمزدهر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد