مثالب الثانوية العامة

mainThumb

21-12-2012 02:32 PM

 إن امتحانات الثانوية العامة  لا تخص وزارة التربية و التعليم و القائمون على عقدها  فقط ، انما تخص  الوطن  بأكمله، كونها مرحلة تحدد مصير الطالب و مستقبله في الوقت الحاضر ، وكونها تعبر وجه من أوجه السيادة الوطنية للدولة، حيث تعتير الأوراق الامتحانية وثائق محمية بموجب قانون حماية اسرار ووثائق الدولة لسنة 1971.  

 

يفكر معظم المشتركين في الثانوية العامة في الامتحانات  على انها  شيء مفزع ومرعب و مخيف حتى لو كان استعدادهم  و تحضيرهم لها في أحسن و أفضل حالاته،  حيث يعيش الطالب حالة نفسية مضطربة و متوترة قد تؤدي إلى انعدام الثقة و القلق الشديد وبالتالي عدم الحصول على المأمول ، هناك مثالب كثيرة للنظام الحالي الذي يعقد على أساسه امتحانات الثانوية العامة .  
 
  يصاحب فترة الامتحانات الثانوية العامة أعراض القلق الزائد  وليس ذلك لدى الطلاب فحسب، وإنما لدى أسرهم أيضا ، ويُعرَّف القلق لغة بأنه الحركة والاضطراب،  وقلق الامتحان حالة نفسية تتصف بالخوف والتوقع أي أنه حالة انفعالية تعتري بعض الطلاب قبل وأثناء الامتحانات مصحوبة بتوتر وتحفز وحدة انفعال وانشغالات عقلية سالبة تتداخل مع التركيز المطلوب أثناء الامتحان ممّا يؤثّر سلبا على المهام العقلية في موقف الامتحان. والسبب الريئس يعزى  إلى أن الطالب ينظر إلى الموقف الامتحاني  و الامتحانات برمتها على أنّه موقف تهديد للشخصية الطالبية .
 
وكما إن هناك بعض الاتجاهات السلبية التي يكتسبها الطلبة خلال الامتحانات منها الغش و الخداع في الامتحانات سعياً للحصول على درجات عالية و معدلات مرتفعة  ، ان ظاهرة الغش في الامتحانات العامة و غيرها  اصبحت ظاهرة متقشية و شائعة وتنوعت اشكالها وطرائقها و أساليبها  واخذ ممارسوها اساليب جديدة مبتكرة يصعب كشفها أحياناً. 
 
كذلك يقر اساتذة وخبراء التربية والمسؤولون عن القياس و التقويم  إن الطلبة  ليسوا على المستوى المطلوب الذي يتطلبه سوق العمل اليوم،  والسبب في ذلك كما اجمع الكثيرون هو الطريقة التي تحكم بها على المستوى العلمي والمهارات للطالب ،  او بمعنى آخر إن  الامتحانات ونتائجها الزائفة والتي لا تفرق بين المستويات الحقيقية للطلبة والاهم من ذلك انها تجعلهم ينسون ما يتعلمونه فور الانتهاء منها.  و كشفت دراسة قام بها عدد من التربويين بأن نسبة ما يتبقى من معلومات في ذهن الطلبة بعد اسبوع واحد فقط من الامتحانات لا تتعدى 22 في المئة فقط مما كانوا يعرفونه ليلة الامتحان ، والسبب في ذلك يرجع الى نوعية الاسئلة التي تحملها ورقة الامتحان والتي تقيس فقط كماً من المعلومات وربما لا تقيس التراكم المعرفي للطالب منذ بدأ التعليم وحتى تلك اللحظة وامكاناته العقلية المختلفة. 
 
من المعروف بأن التقييم التحريري الذي نعتمد عليه في معظم الامتحانات العامة  باستخدام الورقة والقلم لا يكفي وحده للحكم على الطلبة لأن الامتحانات العملية و الشفوية  تظهر الجانبين النفسي والاجتماعي للطالب ومدى قدرته على التواصل مع الآخرين وهي امور لا يمكن ان يقيمها الامتحان التحريري التقليدي. فالعصرالحالي يحتاج لمن يعرف كيف يستخدم المعلومات و المعارف و المهارات  وليس من يمتلكها وحسب، ولهذا فالتفوق الذي نراه بين الطلبة هو تفوق زائف.
 
يستبق عادة أولياء الأمور والطلاب الأحداث ويشرعوا في حملات تشكيك بمصداقية المراقبة و التقييم والتصحيح ، بينما ترفع أجور دروس الخصوصية وينتعش عمل المكتبات لتصوير براشم الغش ، و كم من مراقب  سيتعرض للسب و الضرب والإهانة وشتى أنواع القذف من الطلبة و أولياء الأمور ، و السبب يكون نتيجة تضييق الخناق في الامتحانات ، و النتيجة أيها السيدات و السادة معروفة حصول المراقب على تقرير طبي و حرمان الطالب أو تحويله إلى القضاء و من ثم الصلح بفنجان قهوة. 
إن التعليم و من ضمنه الثانوية العامة يحتاج إلى تصحيح مسار ، فلا يعقل لطالب ثانوية عامة أمضى 11 عاماً في الدراسة لا يعرف كيف يكتب المعلومات على رقعة دفتر الامتحان حيث يتولى رئيس القاعة المهمة  نيابة عنه ، و لا يعرف كيف يكتب موضوع تعبير لا يتجاوز طوله عن خمسة سطور ولا يفرق بين   IS و  WAS  وخطه مثل  خرابيش الجاج  ويغش وينجح يالثانوية العامة  والجامعه ويمكن ان يصبح من المسؤولين ، الحل يكمن بإعادة النظر في فلسفة امتحان الثانوية العامة و أساليب عقده و بالتخطيط السليم و التنفيذ الدقيق ، لا بد أن ندرك بأن  التعليم والعلم هما اساس النجاح و الإصلاح. 
 
المطلوب من  وزارة التربية والتعليم ان تضع نهاية ايجابية لهذا المسلسل الممل وتأخذ بعين الاعتبار هذه الاشكاليات من حيث نوعية الامتحانات و التقدير الحقيقي لمستويات الطلبة والعمل على تقليل مستويات  القلق والتوتر و التخلص من شبح الامتحان ونتائجه ، وان تضع الاستراتيجيات والسياسات التي تهدف الى حماية الطلبة من التراكمات السلبية لامتحان الثانوية العامة وان نذهب باتجاه تطويره بما ينسجم مع كافة التطورات والتجارب للدول الناجحة بذلك .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد